تعرف على 6 طرق لعلاج مشاكل الجهاز الهضمى.

د.ميسم منير
خبيرة في الايروفيدا- مدربة للتأمل و اليوغا – ماستر في علم الطاقة

يعلّمنا نظام الأيورفيدا الشفائي أن الصحة و العافية تعتمدان على قدرتنا علي هضم كل ما نأخذه من البيئة المحيطة. و لا يقتصر ذلك على المواد المادية الملموسة مثل الطعام و الشراب وحسب بل يتعداها ليشمل تجاربنا وعواطفنا و الانطباعات التي نتلقاها عبر بواباتنا الحسية و هي أعيننا و آذاننا و أنفنا و لساننا و جلدنا أيضاً. يدل مصطلح (أجني-Agni) باللغة السنسكريتية على معنى ’النار الهاضمة‘ التي تحلل الطعام و الشراب والأشياء الأخرى التي نتلقاها من البيئة فنحتفظ بما هو مفيد منها و نتخلص من الباقي. عندما نتمتع بقدرة هضمية أو لنقُل ’أجني‘ قوية فنحن بذلك نخلق أنسجة سليمة و نتخلص من الفضلات بكفاءة و فعالية و ننتج جوهراً خفياً يدعى (أوجاس-Ojas). ’أوجاس‘ هي كلمة سنسكريتية تعني ’القوة‘ يمكن تصورها باعتبارها الجوهر الحيوي الأعمق. وفقاً لتعاليم (الأيورفيدا-Ayurveda)، تُعتبر ’أوجاس‘ أساس وضوح البصيرة وحدّة الانتباه و القوة الجسدية و المناعة. و من ناحية أخرى، إذا ضعفت ’أجني‘ لدينا نتيجة تناول أطعمة غير مناسبة أو نقص النشاط أو الطاقة العاطفية السلبية أو الروتين اليومي غير الصحي، فستتم إعاقة عملية الهضم لدينا و ننتج السموم التي تخزن في الجسم. و وفقاً لتعاليم الأيوفيدا فإن هذه البقايا السامة و المعروفة باسم (أما-ama) هي السبب الجذري الأساسي للأمراض.
عرض الأسباب الجذرية للمشاكل الهضمية
سواء كنا نعاني من مشاكل الوزن أو أعراض الاضطرابات المعوية غير المريحة مثل النفخة أو الغازات أو عسر الهضم، فغالباً ما تكون المشكلة الأساسية هي ضعف ’أجني‘ أو سوء الهضم.
و لسوء الحظ فإننا غير مدرّبين في الطب الغربي على طرح السؤال الرئيسي والأهم “ما مدى قوة النار الهاضمة لديّ؟“. و بدلاً من ذلك، نحصر تركيزنا في الأطعمة التي نتناولها فقط. عندما يذهب المريض إلى الطبيب اليوم، فغالباً ما تكون خيارات العلاج هي الأدوية و التي تسهم في السيطرة على أعراض الأمراض و لكنها لا تعالج السبب الأساسي الكامن ورائها. حتى عندما تشمل منهجية العلاج استبعاد الأطعمة المسببة للحساسية، فإنه بهذه الطريقة لايزال يعالج جزءاً من المشكلة. و في حين يتصدى هذا العلاج للعامل (أو الغذاء) الذي تم تناوله، فإنه لا ينظر إلى سبب عدم هضمه بالشكل الصحيح. فعلى الرغم من أن استبعاد الأطعمة المزعجة قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تخفيف الأعراض، إلا أنه غالباً ما يصعب على المرضى تجنب هذه الأطعمة باستمرار. إذ أن ذلك يمكن أن يتسبب، في كثير من الأحيان، بخلل في نوعية حياتهم. يسمح لنا مفهوم الأيورفيدا ’أجني‘ بتوسيع نطاق المحادثة للإجابة عن أكثر الأسئلة أهمية: “لماذا بدأ الجسم بمواجهة مشاكل في هضم هذا النوع من الأطعمة بالشكل الصحيح أو لماذا أصبح غير قادراً على تقبُّلها؟” و “كيف يمكننا استبعاد العامل المسبب للحساسية و زيادة ’أجني‘ أو القوة الهضمية في الوقت ذاته؟”. يتيح هذا النهج إمكانية إعادة إدخال الطعام في وقت لاحق، مما يتيح للشخص فرصة الاستمتاع بالأطعمة من جديد.
التطبيقات العملية لتقوية النار الهاضمة ’آجني‘

توصي تعاليم الأيورفيدا بمجموعة متنوعة من التقنيات العملية للحفاظ على قوة طاقة النار في الجهاز الهضمي. يمكن أن يؤدي دمج هذه الممارسات في حياتك اليومية إلى تقوية ’أجني‘، و بالتالي يسهل فقدان الوزن و يحسن عملية استقلاب الطعام (metabolism) و يحدّ من أعراض الاضطرابات المعدية المعوية غير المريحة، كالنفقة و الفازات و الحرقة و غيرها.
نقدم لك فيما يلي ستة طرق فعّالة لتقوية ’أجني‘ لديك:
1) التأمل بوتيرة منتظمة – تؤكد الدراسات بشكل متزايد التغيرات الجينية التي تحدث مع ممارسة التأمل بشكل منتظم، و التي يمكن أن تساعد في استعادة توازن الجسم، بما في ذلك العمليات التي تتحكم في الهضم. و لتحقيق أقصى فائدة، يجب ممارسة التأمل لمدة 20 إلى 30 دقيقة مرتين يومياً، مرة في الصباح و مرة في المساء. للبدء بممارسة التأمل أو تعميق ممارستك للتأمل، يرجى زيارة الرابط التالي.
2) القيام بشكل من أشكال الحركة اليومية، سواء كان ذلك بممارسة بعض تمارين اليوغا كل صباح، أو القيام بنزهة يومية – أظهرت دراسة حديثة نشرت في مجلة العناية بمرضى السكري «Diabetes Care» أن ممارسة رياضة المشي لمدة 15 دقيقة بعد كل وجبة قد ساعد على ضبط مستويات السكر في الدم بعد تناول الطعام.
و قد كانت فترات المشي القصيرة بعد الوجبات أكثر فعالية من المشي لمدة 45 دقيقة متواصلة، لمرة واحدة يومياً.
3) عدم الإفراط في تناول الطعام – فعندما نأكل كمية طعام أكثر مما تستطيع معدتنا استيعابه، فيصعب علينا هضمه وتحليله بشكل صحيح. كما يعمل جهازنا الهضمي على إفراز المزيد من الأحماض مما يؤدي إلى عسر الهضم و احتمال ارتجاع الطعام من المعدة (Reflux). و إضافة إلى ذلك، قد لا تتمكن كمية الأنزيمات الهاضمة المُنتَجة أن تحلّل كامل الطعام الذي تم تناوله مما يؤدي إلى تكوّن المزيد من الغازات أو انتفاخ البطن أو عدم الشعور بالراحة. توصي تعاليم الأيوفيدا بأن نترك ثلث إلى ربع معدتنا فارغاً لإفساح المجال لأجسادنا لهضم وجباتنا بسهولة. فيما يلي طريقة بسيطة لقياس كمية الطعام المثالية بالنسبة لك بما يساعدك على تناول وجبة متناسبة مع حجم جسمك: قرّب يديك من بعضهما إلى أن تتلامس أطراف أصابعك
و تصبح بشكل وعاء. تُعادل كمية الطعام الموصى بها للوجبة الواحدة مقدار حفنتين من الطعام بهذا الحجم. و بالطبع، يمكنك أن تأكل كمية أقل من حفنتين إذا كانت شهيتك ضعيفة.
4) اشرب شاي الزنجبيل على مدار اليوم و مع وجبات الطعام. فالزنجبيل معروف في نظام الأيورفيدا بأنه “علاج شامل” نظراً لفوائده العديدة للجسم، و قد استخدم لأكثر من 2000 سنة لعلاج مشاكل الجهاز الهضمي. فللزنجبيل القدرة إراحة العضلات الملساء في الأمعاء، و بالتالي التخفيف من أعراض الغازات و التقلصات. وقد توصلت دراسة حديثة نشرتها مجلة «European Journal of Gastroenterology and Hepatology» إلى أن للزنجبيل دور في تحفيز عملية الهضم عن طريق تسريع انتقال الطعام من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة، و المساعدة في القضاء على الشعور بعدم الارتياح الهضمي بعد تناول الطعام. و بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يحفز الزنجبيل إفراز اللعاب و العصارة الصفراوية و أنزيمات المعدة للمساعدة في هضم الطعام الذي جرى تناوله. و خَلُصَ الباحثون إلى أن هذه التأثيرات النافعة ما هي إلا نتيجة احتوائه على مركبات فينولية، و يأتي في المقام الأول (الجينجيرول-gingerol) و(الشوجول-shogaol) وغيرهما من الزيوت الطيارة العديدة الأخرى الموجودة في الزنجبيل.
وصفة شاي الزنجبيل: شاي الزنجبيل منعش و سهل التحضير. فما عليك سوى إضافة ملعقة صغيرة من جذر الزنجبيل الطازج المبشور أو المقطع إلى شرائح رفيعة إلى الماء الساخن. يمكنك تحضير كمية كبيرة من شاي الزنجبيل وحملها معك أينما ذهبت في تُرمُس لارتشافها طوال اليوم.
5) تناول أكبر وجباتك وقت الغذاء – فأجسادنا تكون أكثر قدرة على هضم الطعام في منتصف النهار، عندما نكون نشطين. كما أثبتت الدراسات أن جهازنا الهضمي يفرز أعلى تركيز من “العصارات الهاضمة” عند الظهيرة، مما يجعله أفضل وقت لتناول أكبر وجبة لدينا من الطعام. أما في المساء، فتتباطأ أجسامنا و تستعد للنوم. فإذا تناولنا أكبر وجبة لدينا على العشاء، عندما تكون ’النار الهاضمة‘ لدينا أضعف، سنشعر بثقل و انتفاخ في البطن و سيكون من المرجح شعورنا بصعوبة في النوم.
6) التركيز على التخلص من المشاعر السلبية – فقد لاحظت بلا شك أن لمشاعرك تأثيراً على عملية الهضم لديك. من الممكن أن تصاب بحرقة عندما تشعر بالتوتر
أو تفقد شهيتك عندما تشعر بالحزن أو تصاب بالغثيان أو الإقياء قبل امتحان أو عرض تقديمي مهم. اكتشفت مجموعة متزايدة من الأبحاث أن الإجهاد و التوتر المترافق مع مشاعر سلبية لا تتم معالجتها بالشكل الصحيح يمكن أن يثبط عملية الهضم الطبيعية و يؤدي إلى مشاكل مزمنة في الجهاز الهضمي. وكما أصبحنا نعلم اليوم، فإن جهازاً عصبياً معقداً و مستقلاً يدعى الجهاز العصبي المعوي (ENS) (enteric nervous system) هو الذي يضبط القناة الهضمية.
و يحتوي هذا الجهاز الذي أطلق عليه الدكتور مايكل جيرشون، الباحث و الطبيب في المركز الطبي بجامعة كولومبيا، اسم “الدماغ الثاني” على العديد من النواقل العصبية الرئيسية الموجودة في الدماغ، بما في ذلك السيروتونين و الدوبامين و الجلوتامات و النوربينيفيرين و أكسيد النيتريك. و في الواقع، فإن حوالي 95 بالمئة من السيروتونين الموجود في الجسم في أي وقت من الأوقات تكون موجودة في الجهاز العصبي المعوي (ENS).
يتحكم هذا الدماغ الثاني في عملية الهضم و يمكن أن يعمل بشكل مستقل و بالتنسيق مع الدماغ الموجود في الرأس. دون الخوض في تفاصيل هذا النظام المعقد، يمكننا و بإيجاز أن نجزم بوجود علاقة وطيدة بين دماغنا و أمعاءنا، و استجابة عملية الهضم لدينا لأفكارنا و مشاعرنا. فعندما نمرّ بحالة نفسرها على أنها مسببة للتوتر، فيمكن أن تؤدي إشارات يرسلها الدماغ إلى تغيير وظيفة الأعصاب الواصلة بين المعدة و الدماغ لينتج عن ذلك حرقة معوية. و مع الشعور بالتوتر الشديد، يرسل الدماغ إشارات إلى الخلايا المناعية الهضمية التي تطلق بدورها مواد كيميائية تؤدي
إلى الإصابة بالتهابات. يمكن أن تؤدي هذه الالتهابات بعد ذلك إلى سوء الامتصاص وحتى أنها قد تتسبب بحساسية غذائية تجاه الأطعمة إذا أصبح التوتر مزمناً.
ومن عندما تتعلّم كيفية التعامل مع مشاعر التوتر و الاضطراب العاطفي و التغلب عليها، فإننا نساعد قناتنا الهضمية على العمل بشكل طبيعي و فعّال.
لتتعلم كيف تتخلص من الألم العاطفي، انضم لبرنامج MBHretreats و حرر مشاعرك السلبية.
يلعب الهضم السليم المترافق مع ’أجني‘ قوية دوراً محورياً فيما يتعلق بصحتنا و عافيتنا الجسدية و العاطفية.
فكما لاحظت في الأيورفيدا، نحن لسنا ما نأكل بل “نحن ما نهضم”.
و من خلال انتقاء اختياراتنا الذي يعزز قدرتنا على الهضم فإننا نشكل الأساس لحياة مليئة بالحيوية و الصحة الجيدة.
المزيد من المقالات المختارة
Stress or fear?
هل أنت خائف أم أنك متوتر؟ د.ميسم منير خبيرة في الايروفيدا- مدربة للتأمل و اليوغا – ماستر في علم الطاقة التوتر: وسام شرف أم رمز للخوف؟وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض 80% من مراجعات الطبيب تكون مرتبطة بالتوتر. لكن ما هو التوتر إن لم يكن الخوف، الجزع، والقلق...
ابدأ هنا! 5 أنواع تأمل للمبتدئين:
التأمل ابدأ هنا! 5 أنواع تأمل للمبتدئين:ى د.ميسم منير خبيرة في الايروفيدا- مدربة للتأمل و اليوغا – ماستر في علم الطاقة لقد علمت عن فوائد التأمل، ربما قد وصفه لك الدكتور، و ربما أخبرتك صديقتك أنه سبيل سعادتها الدائمة و طاقتها المتجددة، أو ربما سمعت...
سبعة فوائد للتأمل المنتظم
سبعة فوائد للتأمل المنتظم د.ميسم منير طبيبة - خبيرة في الايروفيدا- مدربة للتأمل و اليوغا - ماستر في علم الطاقة أثبتت العديد من الدراسات فوائد التأمل المنتظم؛ يمكن أن يشمل ذلك تقليل التوتر وتحسين التركيز وخفض ضغط الدم وتقليل أعراض القلق والاكتئاب على...